ثورة الذكاء الاصطناعي.. تشخيص مبكر لـ سرطان الحنجرة عبر تحليل الصوت | تقرير


الاثنين 11 اغسطس 2025 | 01:24 مساءً
الذكاء الاصطناعي والطب - صورة أرشيفية
الذكاء الاصطناعي والطب - صورة أرشيفية
أحمد سيد

أوضحت دراسة حديثة أن الذكاء الاصطناعي قادرًا على الكشف المبكر عن سرطان الحنجرة من خلال تحليل نبرة الصوت، في تطور طبي قد يغيّر طريقة التشخيص التقليدية لهذا النوع الخطير من السرطان.

وأظهرت النتائج، المنشورة في دورية Frontiers in Digital Health، أن التغيرات الدقيقة في خصائص الصوت — مثل التردد الأساسي ونسبة التناغم إلى الضوضاء — يمكن أن تكون مؤشرات مبكرة على وجود أورام، سواء كانت حميدة أو خبيثة، على الأحبال الصوتية.

الصوت كبصمة صحية رقمية

قاد الدراسة الباحث فيليب جينكينز، من جامعة أوريجون الأميركية للصحة والعلوم، ضمن مشروع Bridge2AI-Voice التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، والذي يسعى لتسخير الذكاء الاصطناعي في تحليل الإشارات الصوتية كأداة تشخيصية للأمراض المعقدة.

وبحسب الباحثين، فإن الصوت البشري يحتوي على معلومات صحية دقيقة، كونه ناتجاً عن تفاعل أنظمة حيوية معقدة تشمل الجهاز التنفسي والعصبي والعضلي، أي خلل في هذه الأنظمة قد يُحدث تغييرات طفيفة، لكنها قابلة للرصد، في طبيعة الصوت.

تشخيص غير تداخلي باستخدام الهواتف الذكية

ما يميز هذه التقنية هو أنها منخفضة التكلفة، وآمنة، ولا تتطلب تدخلًا جراحيًا أو أدوات معقدة، حيث يمكن تسجيل وتحليل الصوت باستخدام الهاتف المحمول فقط، حتى في المناطق محدودة الموارد.

ولا يقتصر التحليل الصوتي على الكلام، بل يشمل أصوات السعال والتنفس، ما يجعله مفيدًا في رصد أمراض أخرى مثل كوفيد-19، وباركنسون، والخرف، بل وحتى بعض الحالات النفسية.

قاعدة بيانات ضخمة وتحليل دقيق

اعتمد الباحثون على الإصدار الأول من قاعدة بيانات Bridge2AI-Voice، والتي تضمنت أكثر من 12 ألف تسجيل صوتي لـ306 مشاركين، بينهم مرضى بسرطان الحنجرة وآخرون يعانون من أورام حميدة أو اضطرابات في الصوت.

وأظهرت التحليلات فروقات واضحة في المؤشرات الصوتية بين الرجال الأصحاء والمصابين، مما يدعم فرضية إمكانية الاعتماد على الصوت كمؤشر لتطور الأورام.

ورغم أن الفروقات لم تكن واضحة بنفس الدرجة لدى النساء، إلا أن الباحثين يرجحون أن استخدام عينات صوتية أكبر وأكثر تنوعاً قد يكشف عن أنماط مشابهة.

إمكانيات واعدة وتحديات قائمة

قال جينكينز: "هذه النتائج تمثل إثباتًا لمفهوم واعد، لكننا بحاجة إلى نماذج مدربة على بيانات أكثر تنوعاً لضمان دقتها للجميع"، وأضاف أن أدوات التشخيص المعتمدة على الصوت قد تصل إلى المرحلة السريرية خلال عامين فقط.

ويمثل سرطان الحنجرة تحدياً صحياً عالمياً، حيث تم تسجيل أكثر من 1.1 مليون حالة عام 2021، توفي منهم حوالي 100 ألف شخص. ويعتمد التشخيص التقليدي على الفحوصات بالمنظار والخزعات، وهي إجراءات مكلفة ومعقدة.

الخصوصية عقبة أمام التوسع

رغم الإمكانيات الهائلة، تواجه هذه التقنية تحديات كبيرة، أبرزها قضايا الخصوصية، حيث يُعد الصوت من البيانات البيومترية الحساسة. كما أن قواعد البيانات المتاحة حالياً تعاني من نقص في التنوع والحجم والجودة.

ويؤكد الباحثون على الحاجة لتعاون واسع بين خبراء الذكاء الاصطناعي والأطباء وعلماء الأخلاق لتطوير منصات آمنة وأخلاقية لجمع بيانات صوتية متنوعة، يمكن استخدامها لتدريب نماذج أكثر دقة وشمولية.

مستقبل التشخيص في نبرة الصوت

في حال أثبتت هذه التكنولوجيا فعاليتها في التجارب السريرية، فإن المستقبل قد يشهد تحولاً جذرياً في طرق التشخيص، حيث يصبح تسجيل صوتي مدته ثوانٍ أداة إنقاذ حياة، خاصة في البيئات منخفضة الدخل أو ذات الوصول المحدود للرعاية الصحية المتخصصة.